الفصل التاسع عشر

النساء في النار والجنة

 

يُكثر المسلمون ذكر الحديث: "الجنة تحت أقدام الأمهات" ليدللوا على المكانة العليا التي تتمتع بها المرأة في الإسلام. وبغض النظر عن صحة هذه الرواية (التي لم ترد في المصنفات المعتبرة) وليس من السهل تقييمها إيجابياً، فإن لدينا عدة أحاديث وردت في الصحاح تفيد بأن النساء أقل ساكني الجنة: "عن عران بن حصين عن النبي ص قال: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر خلقها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء". وعن أبي هريرة قال: ركنا عنده فأما تفاخروا وأما تذاكروا فقال: "الرجال في الجنة أكثر من النساء". يخبرنا حديث ضعيف بأن "من تسع وتسعين امرأة واحدة في الجنة وبقيتهن في النار". يفسر محمد سبب ذلك: "فإني رأيتكن أكثر أهل النار لكثرة اللعن وكفر العشير". عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله: أنه قال: "يا معشر النساء تصدَّقن وأكثِرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن". عن عمارة بن حزيمة قال: "بينا نحن مع عمرو بن العاص في حج أو عمرة فقال بينما نحن مع رسول الله في هذا الشُّعب إذ قال: انظروا هل ترون شيئاً؟ فقلنا: نرى غرباناً، ففيها غراب أعصم، أحمر المنقار والرجلين. فقال رسول الله: "لا يدخل الجنة من النساء إلا من كان منهن مثل هذا الغراب في الغربان". وجاء في حديث غريب قوله: "المرأة المؤمنة في النساء كالغراب الأعصم في الغربان فإن النار خلقت للسفهاء، وإن النساء أسفه السفهاء إلا صاحبة القسط والسراج". رُوي عن الإمام القرطبي تفسيره لكون النساء أقل أهل الجنة: "إنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا والإعراض عن الآخرة لنقص عقلهن وسرعة انخداعهن".

إذا أخذنا الأحاديث بشأن نساء أهل الجنة بعين الاعتبار فقرأناها مع ما ذكرناه أعلاه، فقد يختل التوازن النسبي أيما اختلال، إذ تُطلعنا روايات عديدة عن ملاذ أهل الجنة بأن ساكنيها سوف يرثون زوجاتهم وإماءهم! وعن أبي أُمامة قال: قال رسول الله: "ما من أحد يُدخله الله الجنة إلا زوّجه الله اثنتين وسبعين زوجة. اثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار. ما منهن واحدة إلا ولها قُبُل شهي وله ذكر لا ينثني".

يتضح من أحاديث محمد أن المؤمن في الجنة يتلقى قوة جنسية خاصة. عن أنس عن النبي قال: "يُعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع، قيل: يا رسول الله أيطيق ذلك؟ قال: يُعطى قوة مائة". فسوف لن يحظى المؤمن في الجنة في تصور محمد بالزوجات والسراري فقط، بل: "إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي". ولكن في هذا الأمر خلاف بين العلماء، فقال بعضهم في الجنة جماع ولا يكون ولد. وعن إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي: "إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة ما يشتهي، ولكن لا يشتهي". وينسب بعضهم إلى محمد نفسه قوله: رإن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد".

وفي رواية: "يذهب الرجال في الجنة بعد حوار قصير مع الله إلى مساكنهم حيث يُستقبلون من زوجاتهم. تسألهم زوجاتهم عن سر جمالهم الباهر الذي لم يكن لهم قبل مغادرتهم مساكنهم، فيردون عليهن بأنهم جلسوا إلى ربهم فيحق لهم ذلك". توجد أحاديث أخرى كثيرة تؤكد دوام الحياة الزوجية في الجنة أو تمتع المؤمنين بالجواري والإماء فيها. فإن زعم محمد رغم ما ورد عنه من أخبار عن كثرة الأزواج والإماء في الجنة بأن النساء أقل ساكني الجنة، فإن السبب هو هلاك رجالهن في النار لافتتانهم بهن، إذ يقول محمد: "لو لم تكن المرأة لدخل الرجل الجنة، "وطاعتهنّ أيضاً هلاكهم".

 

الفصل العشرون

(ختان البنات (الخفاض

مع أن الختان ليس له أصل قرآني فقد صار فريضة هامة لدى عامة المسلمين التي لا تولي ما يمكن اعتباره على نفس المستوى من المناسك والتقاليد نفس الأهمية. فالختان "بإجماع عامة المسلمين" المدخل في الإسلام وعلامة الانتساب إلى هذا الدين. يدعي الفقهاء بأن للختان مصلحة عظيمة للمسلم تفوق الألم الناشئ منه. وأما الحكمة الكامنة في عملية الختان فهي تنحية الغلفة لأن تحتها قد يكون منبتاً خصيباً لإفرازات تؤدي إلى أمراض مميتة مثل السرطان. فالختان من هذا المنطلق طريق وقائي. هذا بالنسبة للرجال. ولكن ما هي الحكمة في ختان البنات الذي يطبق في بعض البلدان الإسلامية؟ فالحكمة الأولى عندهم هي قول محمد: "الختان سُنة للرجال ومكرمة للنساء". والحكمة الثانية تكمن في كون الخفاض يزيدها حلاوة عند الرجل شريطة تطبيقها باعتدال: "عن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي: لا تُنهكي (أي لا تبالغي في الخفض) فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل". وأما الحكمة الثالثة لختان الأنثى فهي "تعديل شهوتها" و"تلطيف الميل الجنسي للمرأة".

يخبرنا الماوردي كيف يتم ختان الأنثى: "ختانها قطع جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك، والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون استئصاله". وقد ذهب إلى وجوب الختان الشافعي وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاء، وعن أحمد وبعض المالكية يجب، وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض وعنه سنة يأثم بتركه، وفي وجه الشافعية لا يجب في حق النساء. وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية إلى أنه ليس بواجب. بينما يقول الفقهاء إن ختان الرجل (أي تنحية الغلفة) مصلحة وقائية لصحته البدنية. يكون الأمر بالنسبة لختان الأنثى غير هذا، فتنحية البظر للبنت تخدم بالدرجة الأولى الحد من شهوتها دون القضاء عليها (أي على شهوتها)، وهي مصلحة للمجتمع وخير لها. ومن شأنها صيانة شرف المرأة وكرامتها.

كما ذكرنا آنفاً فإن الهدف الأساسي لختان البنات عند الفقهاء هو كبح الشهوة أو الغريزة الجنسية للأنثى. فالبنت في هذه الأيام معرضة لأنواع الفتن، الأمر الذي يؤدي إلى الانحراف والفساد في المجتمع. وأخيراً نتعلم من الأستاذ شلتوت بأن النساء يقبلن الختان عن رضى تكريماً لأزواجهن، كما أنهن يكرهن النظر إلى هذه الزائدة التي بإبعادها ترتفع متعة الرجل.